(الحروف الداكنة ، والكآبة )
سألت صديقتي ..لماذا تكتبين حكاياتك بحروف داكنة أيتها الجميلة....
فطلعت بهية كالبدرتنيرظلام الليل الحالك , فما سرهذا الاختلاف البائن بين طلعتك البهية وحروف كتاباتك الداكنة ؟
أجابت صديقتي ...لكن اجابتها كانت على شكل سؤال فلسفي هو بحد ذاته اشكالية تواجه الانسانيةجمعاء في هذا العصر الضبابي المتراكبة التي تاهت فيه الحقيقة في دهاليز التوهان حيث تحطمت خلاله القيم السامية واستبدلت بعادات وتقاليد أقرب ما تكون الى الهمجية الحيوانية , حيث ارتفعت الرحمة من قلوب البشر وحل محلها) الانا( فوق الجميع ومن بعدي الطوفان , فالكل يحاول أن يقتل الكل ويغتصب ويسرق ويفسد تحت عباءات مزيفة من حقوق الإنسان والدفاع عن المرأة والطفل والديموقراطية والعدالة والحرية الانسانية..
أجابت صديقتي بسؤالها : متى كان المخزون المعرفي للانسان يلون المعاني التي ينتجها بغير لونه ؟
واستطردت تقول أنا إنسان مثلي مثل باقي البشر لدي مخزون معرفي استقيته من هذه البيئة التي أعيشها بيئة معقدة وضبابية ملونة بلون الكآبة الداكنة ,فمن المنطقي أن تكون حروف كتابتي داكنة .....
نعم ...ماقالته صديقتي حق ومنطقي لكنه يدعوني الى أعادة التأمل والنظر في المفاهيم الفلسفية المتداولة ومنها المخزون المعرفي لافراد المجتمع , المستمد من محيطهم الاجتماعي وصولا إلى أعطائها دوراُ جديدا لتمثل قاعدة عملية وممارسة اجتماعية تتمثل فيها حماية الأراء البشرية وتطويرها وصولا إلى المشاركة الحكيمةفي الارتقاء بالوعي المجتمعي الشامل وصولا إلى تعزيز ودعم المخزون المعرفي للفرد بالحقائق عوضا عن تركيزها على الأبحاث النظرية للحصول على المعرفة المفيدة للجميع أي بتعبير آخر :
لابد من التغيير التدريجي لذات الإنسان عن ماهيته وصولا إلى تنامي قدرته الحسية من خلال موهبة الذات ولا بد لمفهوم الموضوعية أن يشير إلى فكر المجتمع الذي يسعى وراء تحقيق الابداع والاتفاق بين الذوات بهدف تحقيق مجتمع تشاوري حكيم وفق ذلك فأن الموضوعية تصبح اتفاقا تفاعليا متبادلا بين البشر وليس بوصفها وجود الذهن أو اللغة وجوداً مستقلاً عن الواقع .
وأضافت تقول :
أنا أنسان مرأة لبيئتي أي أنا مرآة للأشياء التي تحيط بي وللأحداث التي تتحرك حولي ...
أنا أنسان ابنة بيئيتي التي جعلت مخزوني المعرفي داكنا وبالتالي ستكون كتاباتي داكنة الحروف والدلالات والمعاني فالاناء لا ينضح الا بما فيه ...
فماذا أفعل ؟
أذا كان مخزوني المعرفي هو الذي ينتج معاني الأشياء والقضايا التي تواجهني فكل الأشياء والأحداث التي تدور حولي أراها ,وفق مخزوني المعرفة فهلا ينتج المعاني بلون داكن , وهو الذي يوجهني إلى الكتابة بلونه الداكن الحقيقي الذي يدركه ويفهمه و ليس له القدرة على قراءة حقيقة ألوان الاشياء والاحداث التي تدور حولي فماذا أفعل ؟....
قلت لها :
أذا كانت حقيقة حروفك داكنة ناتجه من مخزونك المعرفي الذي ينتج فكرك وسلوكك وكتاباتك الداكنة فكيف نلونها بألوان تعطي البهجة والسرور وتبعد عنا وعنك الكآبة ؟
أجابت :
لابد أن نغيير المفاهيم القديمة التي تكبل حركتنا وتمنعنا من التقدم والعيش المشترك الامن ,فأنا لا أدعو الى ثورة أو أتمنى حدوث زلزال يطيح بدعائم قلاع التخلف و الجهل التي ورثناهامرة واحده بل أدعو الى تطوير وتحديث تدريجي حكيم من خلال البحث عن مفاهيم جديده تحفزنا على الإنتاج والعمل التنافسي البعيد عن الصراعات والقتل والاغتصاب والفساد .
أيضا تغير مفاهيم لما تأثرنا به من المحيط الخارجي فمن منا يستطيع تقديم الخير للعدو او الخائن اذا وجدناه ضعيف ؟
هل نستطيع اعادة مخزون هؤلاء اصحاب الشر لطريق الفطرة التي فطرو عليها ؟
ومن ثم تحولاإلى الشر وتبديلهم للأصحاب الخير !!!!!!!!!!!
ردت صديقتي :نادرا ما يحدث ذلك لتركيبة البشر انهم يحققون الانتصار عن طريق الشر
ولكن ما علينا الا ان نعرفهم ان الطريق الداكن سيصبح ظلاما إذا انتهى الخير
بالبشر ولكن لنؤمن بما قاله عليه افصل صلاة وسلام الخير في امتي ليوم الدين.
فتغيير وتحديث المفاهيم يعطينا القدرة على تخزين المعرفةالحقيقية القادرة على نقلنا من حالة الجهل المتراكم مع التخلف إلى حالة الانفتاح الصحيح على الاكتشافات العلمية التي تزودنا بكل يوم بجديد وتفسر لنا الكثير من الظواهر الطبيعية التي كنا نجهل حقيقتها بل كنا نفهمها على غير حقيقتها ....
نعم تعطينا القدرة إلى الانتقال إلى حالة الانفتاح الصحيح على الأفكار الحديثة للعلماء الذين يتمتعون بالحكمة والرشاد والمراكز البحثية والمختبرات العالمية حول حقيقة مفاهيمنا العلمية
المورثة والتي فرضت علينا كمسلمات اضافة إلى معتقداتنا وما دخل عليها من مفاهيم مغلوطة واختراقات جعلت منها غريبة عنا وبالتالي فقدنا القدرة على فهمها بكفاءة عالية .
نعم إذا تغير مخزوننا المعرفي وتعددت ألوانه,ومشاربه الفكرية المستنيرة فأن ذاتنا ستدرك ذاتها وتفهم موقعهاالحقيقي من الوجود بألوانه المتعددة وبالتالي تتلون المفاهيم بأحرف البهجة لان داخلنا الملون هو الذي يرى ما يحيط به بألوانه الملونة.
نعم نحن نجد صعوبة في تغيير المجتمع وهذا شيء طبيعي لكن لابد لكل منا أن يغير مفاهيمه الداكنة من خلال عملية التطوير والتحديث الذاتي التدريجي وصولا إلى أزاحة شعور الكآبه الذي
يؤرق حياتنا ، وحياة بها الحب والسلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق