رسائل القرآن لقلبك:
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)
عندما تقرأ تلك الآيات من سورة طه فى قراءتك السريعة للقرآن، قل لى :هل فهمت ما تتضمنته من دعاء سيدنا موسى عليه السلام لله سبحانه وتعالى ؟
هل تأملت تلك الأيات،واستشعرتها ،و تدبرتها؟
هل فكرت تربطها بحياتك ،وتدعو بها فى بعض المواقف التى تحتاج فيها لكى ينشرح صدرك،وينطلق لسانك بالقول الفصيح الذى يفهمه الأخرين ؟
هكذا هو التدبر الذى نقصده،والذى يغير حياتنا لنعيش بالقرب من الله.
فالتدبر هو أن تقرأ القرآن ،وتتفكر،وتتأمل فى آياته ،وتبحث عن الرسائل المرسلة
من كلام الله سبحانه وتعالى لقلبك،ففى كل يوم،وفى كل حال تقرأه تكتشف رسالة جديدة لك ربما لم تكتشفها من قبل، ووقع الآيات عليك ربما يختلف عن غيرك،فهى حالة قلبية خاصة بك مع القرآن.
حيث قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: (إنَّ مَنْ كان قَبْلَكُمْ رأوا القرآنَ رسائلَ مِنْ ربِّهِمْ، فكانوا يتدبَّرونها بالليل، ويَتَفَقَّدُونَها في النهار).
ومن الرائع أن للتدبر عدة مفاتيح ترشدك للوصول إليه منها أن:
-تتوجه للقرآن بقلبك،وتدعو الله أن يرزقك حبه،وتعلمه، والتمتع بمصاحبته ،وأن تقرأ القرآن أيضاً بتلك النيات الخمسة بنية( الثواب،والعلم،والعمل،والشفاء،والمناجاة )ليكون إنتفاعك بالقرآن أكبر.
-تتخيل نفسك المخاطب فى كل آية قرانية،وتتفكر، وتبحث عن الرسائل المباشرة ،والغير مباشرة المرسلة لقلبك منها.
-تفهم مقاصد السور وذلك :
بالنظر للربط بين اسم السورة و موضوعها،و التناسب بين الآيات القرآنية،وموضوع السورة نفسه،والتأمل فى الرابط بين افتتاحية السورة وختامها،والنظر للكلمات والمدلولات التى تتكرر فى السورة الواحدة أكثر من مرة سواء تكرار لفظى أو بالتشبيهات المجازية ،والقصص القرآنية.
فمثلاً سورة مريم تكرر فيها كثيراً كلمة الرحمن إشارة لما تحمله تلك السورة من معانى ،وقصص تدل على الرحمة ،والود مثل قصة زكريا عليه السلام، وقصة مريم فى مراحل ما قبل الحمل ،وأثناء الولادة، وبعدها.وعند مجىء هارون مع موسى عليهما السلام رحمة من ربنا بسيدنا موسى.
-تقرأ القرآن بهدوء،و بصوت تسمعه أُذنك لإستحضار القلب،وخشوعه.
قال ابن عباس لرجل ذكر إنه يسرع القراءة (إن كنت فاعلاً فاقرأ قراءة تسمعها أذنك ويعيها قلبك).
-تقرأ باستمرار عن القرآن،وتفاسيره المختلفة،وأسباب النزول،وعن حال السلف وقصصهم مع القرآن.
-تتأمل فى البلاغة التى تصاغ بها الآيات القرآنية،وملاحظة بناء الآيات،والبحث عن العلاقة بين الجسم الرئيسى لكل آية ونهاية الآية،وأيضاً العلاقة بين نهاية الآية ومايليها ومايسبقها،والنظر فى تناسب الآيات فى بداية السورة مع نهاية الآيات فى السورة السابقة.
- تتفاعل مع الآيات بالتسبيح،والدعاء،والإستغفار ،والتعوذ .وتستحضر أن الله يراك، ويستمع لقراءتك ،ويثني عليك .حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقرأ القرآن إذَا مر بآية فيها تسبيح سبح،وإذا مر بسؤال سأل،وإذا مر بتعوذ تعوذ.
-تربط الآيات بواقع حياتك اليومية .
لذلك احرص أن يكون لتدبر القرآن ثلاثون دقيقة من يومك ،وعندما تصل لعلامة أو أكثر من هذه العلامات السبعة :(اجتماع القلب والفكر حين القراءة ، ودليله التوقف تعجباً وتعظيماً،البكاء من خشية الله،زيادة الخشوع،زيادة الإيمان ودليله التكرار العفوي للآيات،الفرح والاستبشار،القشعريرة خوفاً من الله تعالى ثم غلبة الرجاء والسكينة ،السجود تعظيماً لله عز وجل )فأبشر بأنك بلغت الوصال بالقرآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق