اوطاننا
حياتُنا ما هى إلا اوطانًا نسكنُها وتسكنُنا، ماهى إلا أناسي يحيطون بنا، ونحيط بهم، ولا تحلو حياتُنا إلا معهم وبهم .
ُفقد نلتقى فى حياتِنا بأناسي هُم لنا نقطة الضوءِ التى تُنير ظُلمةَ حياتِنا، وأناسي هُم الوفاءُ و الضياءُ لقلوبِنا، وأناسي هم الهواءُ
النقى الندى، نحسُه لكن لا نراه، نستنشقُه، نحيا به ولولاه لكان موتنا مُحققًا .
والبعضُ كالشمسِ تُنير حياتَنا، لكنها قد تشتدُ فتحرقُنا، وتغيبُ فتؤلمُنا، نودعُها غير راغبين فى الوداعِ، ونظلُ فى انتظارِها كى نعاود الحياةَ مِنْ جديدٍ، وأناسي كالقمرُ تُؤنس وحشة أيامنا، سميرُنا وصديقُنا الكتومُ، وحين تُشرقُ الشمسُ وينتشرُ النورُ يختفى، وننساه ولولا غروبُ الشمسِ مرة أخرى، ما تذكرناه ابدًا.
وأناسي كالحُلمِ يمرُون بحياتِنا مرورُ الكرامِ يهدُوننا بعضَ الحزنِ و بعضَ الفرحِ، وبعضَ الانطلاقِ وبعضَ الضيقِ لكنها مشاعر لا تدوم .. قد نتذكرُهم بعد رحيلِهم لبعضِ الوقتِ، ثم ننسى حتى ملامحَهم .
وأناسي كالاشجارِ تُظللنا مِنْ حرِ الدنيا، وتُلقى إلينا باطيبِ الثمرِ .. ان اتيناها احتضنتنا وان بعدنا عنها انتظرتنا؛ سعادتها من سعادتنا، تهبُنا كل مايسعدُنا بلا مُقابل .
وأناسي كالرياحِ العاتيةِ تكسرُ الخواطرَ، وتُبكى العيونَ، وتُدمى القلوبَ، وترحلُ دون ان تدرى شيئًا عما دمرت .
وأناسي كالبحر غادرة؛ لا تفرق بين العدو والحبيبِ ولا تعرف للعدل سبيلاً .
وأناسي كالنهرِ … أينما يحلو يكثر الخيرُ، عذبون دائمًا .
وأناسي هم بسمةُ الحياةِ بخفةِ ظلِهم، وجمالِ وجودِهم، وصفاءِ قلوبِهم، ونقاءِ سرائرِهم .
وأناسي هم فى حياتنا الحيرة؛ ان تكلمت اعتبروك ثرثارًا، وان صمت أعتبروك كتومًا، وان لهثت إليهم ترجو ودُهم، وتبحثُ عندهم عن الحمايةِ والدفئِ، كنت غير مُقدرًا لظروفِهم وتطالبُهم بما لا يستطيعون، وان لجأت لغيرِهم ثاروا، وجالوا، واتهموا ، ان ابتسمت لاموك، وان حزنت انبوك، وان سألت عنهم بالفضول اتهموك، وان لم تسأل عنهم صرت مُهملًا لهم .
وأناسي وأناسي وأناسي .. فيارب ارزقنا الصالحين، اصحاب القلوب البيضاء والنوايا الطيبة .
اللهم ارزقنا من ترضى عنا و عنهم .. مَنْ يأخذون بيدنا إليك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق