انطلقت بأقصى سرعتى الى حجرتها وانا اتذكر اول يوم التقيت فيها بااماان .....
منذ أن دخلت المستشفى من عام كامل لم يبدو عليها اى اعراض للاكتئاب..هى مضطربه نفسيا نعم...
عدم توازن فكرى فى بعض الاحيان ..
هذا يصنف من ضغط قوى يجعل المريض يهرب الى عالم يصنعه عقله.... ولكن اكتئاب نفسى وانتحار ..
لا اظن .... دخلت عليها وجدتها مستلقيه على سريرها واحدى الممرضات تسحب ابره المحقن من ذراعها...
وهى تنظر إلى وتقول فى خفوت: --
حمد لله لولا مرور الطبيب المناوب عليها فى الوقت المناسب كانت لتلقى حتفها..لقد ...لقد ابتلعت علبه الأقراص المنومه بالكامل......
أمسكت بذراع أمان وانا افتح جفنيها الثقيلتين من جراء الحقنه ..... سنتركها اليوم..... يمكنكم الانصراف...انا متواجد بالمستشفى حتى الصباح فى مكتبى..ان حدث اى شئ اعلمونى ع الفور....
أسدل الليل ستائره داخل المستشفى ليضفى جوا من الهدوء الغموض عجيبين ... دخلت إلى مكتبى وفتحت إحدى ادراجها لتخرج ملفا ضخما يحتوى على كل بيانات ومعلومات وتاريخ أمان المرضى منذ سنه......
اعلم اننى قراءت هذا الملف أكثر من مره. ولكنى فتحت أولى صفحاته وانا اقراء بصوت منخفض مسموع.... -
-امان محمد سيد على . انثى . غير متزوجه.. متهمه فى جريمه قتل صنفت من الدرجه الاولى...
كانت جريمه بشعه لاتنم على فاعلها .....
بعد تحريات وملابسات الحادث اتهمت أمان اتهام مباشر وحولتها النيابه العامه إلى مستشفى الامراض النفسية والعصبيه لتتبين صحه سلامتها النفسيه بعض سلسله طويله من التحقيقات....
حتى يتم معاقبتها على جريمتها البشعه.... ولكننى كنت اعلم انها مريضه رغم بشاعه جريمتها... كنت اعلم ان هناك دوافع قويه اقوى منها حتى تفعل فعلتها الشنعاء..وتقتلها..نعم تقتلها...زوجه اخيها كمال ..... كيف يمكن ان تصل بك الغيره إلى القتل ... كيف يمكن أن تحب شخصا وتؤذيه فى نفس الوقت...
كمال محمد سيد على .. الاخ الأكبر لامان... تزوج بعد وفات والدته بفتره قصيره فتاه ابنت منطقته ... كان لا يحبها ولكن كثيرا اشاروا له عليها..جواز تقليدى..لملئ فجوه العذوبيه...... هى تصغره بأكثر من ٥ سنوات ولكنها قبلت بزواجها من كمال ولم تبدى اى اعتراض.....
موظف مجتهد ...يعمل فى مصنع قريب من بيته فى نوبات مختلفه من الورديات...... اماان ... تظل مع زوجه اخيها..... ترى اهتمامه وحبه الشديد لزوجته....تشعر بالغيره.. تقتلها..... رفعت نظارتى من على عينى وانا لست مرتاحا لهذا الاستنتاج...بشاعه القتل ....تنم عن شىء غير الغيره.... الانتقام..... نعم... هذا ما حدث..... الإنتقام... ولكن من ماذا... هذا سوف أحاول أن أعرفه.... ومن..امان .....شخصيا... عندما تفيق.......... وخيم الصمت مره أخرى على المستشفى.... صمت رهيب ..... دكتور..... امان.... فاقت من غيبوبتها.... قطع الصمت صوت الممرضه حمدا لله على سلامتك يا أمان. حمدا لله ..... كيف حالك اليوم .... --- لست بخير ------ لست بخير إطلاقا... لقد تعبت... ثم صمتت ...جلست بجوارها بهدوء وظللت صامتا محترما صمتها.....حتى اغمضت عينيها فى وهن....واطلقت زفره حاره لتخرج معها كل مايخبوا فى صدرها..... لم اعد احتمل .... -ولهذا اقدمتى ع الانتحار.... نعم أردت أن تنتهى حياتى .... ---امسكت يديها فى بطء وانا اغرز محقنا مهدئا فى رسخها..... --صدقينى انه ليس حلا لمشاكلنا وحياتنا.... نحن خلقنا على الفطره السليمه..اقدارنا واعمارنا بيد الله وحده...... تركت ذراعها وانا اتفحص حركه عينيها داخل جفنيها المتوتره السريعه.....واقتربت منها .واكملت حديثى .
--- صدقينى ياسيدتى..الابتلاءات سمه الصابرين الشاكرين. أكثر أهل الأرض ابتلاءا هم اكثرهم قربا الى الله... احلى يقينك ان الله لم يخلقنا لشقاء..ولكن هناك حكم عظيمه لا يعلمها الا الله ونحن ادوات لهذه الحكم والدروس.... فتحت عينيها فى هدوء ونظرت إلى نظره مليئه بالدموع ولما انا ....لما انا بالذات اوضع فى هذا الموقف ... --- كل منا له ماله وعليه ما عليه....الحكمه ان نرضى...ونصبر.... ثم صمتت طويلا....واقتربت منها قائلا: -- ولن ننسى انك أخطائتى........قتلتى... اطرقت رأسها الى الارض والدموع تنغمر من عينيها فى صمت.... --- نعم ...هذا ما يجب أن يكون....ثم رفعت رأسها لتجيب ولكنى لم اعد احتمل ...صدقنى يا دكتور كان يجب ان تتركنى.... ----- ولكن هذا واجبنا أن نحافظ ع حياه الاخرين...حتى لو كانوا هم يريدون خلاف ذلك... ولكن ...... ولكن أرى انك تخفين شئ....كل هذا من أجل كراهيتك لزوجة اخيكى...وحبك له....هل كنت تتمنين ان تكونى انت...... ارجوك..لا تكمل .... ازدادت دموع عينيها بكثره ....ساحكى لك كل شئ..ولكن عدنى..انا هذا لن يكون تقريرك النهائي.... صمت......وطال صمتى حتى قالت فى انفعال مخنوق من كثره الدموع .. قلت عدنى.... اجبت بتردد بالغ ---- اعدك... انطلقت زفره طويله من صدرها وكأنها تلقى من عليه ثقلا هائلا....وشردت... كمال ... نعم يادكتور ...كمال هو ما جعلنى فى هذه الحاله ... خوفى وقلقى عليه من ان يحدث له مكروها..فهو يستحق افضل من ذلك..... ولكن..... ليس كما استنتجتم...انا لست بمجنونه ولا مضطربه عقليه حتى اتمنى اخى .... نظرت إليها بدهشه..لتكمل ... ---لا تنظر لى هكذا انا اعلم ما يدور بخلدك وانا ساعدتك ع ذلك فهذا افضل لى ولاخى كمال ان اكون مختله...تعشق اخيها..وتقتل زوجه اخيها غيرة.... على ان يفضح كمال ...اخى .... ...-سألت فى خفوت: ---- كيف ؟ لقد قلت لك سابقا لقد رايتهم أكثر من مره رغما عنى حتى اننى لم اعد احتمل رؤيتهم معا...-- --- نعم اعلم ذلك رأيت كمال وزوجته و.....- قاطعتنى بقوه وانفعال. ---لم يكن هو....لم يكن كمال .... واطبق على الحجره صمت ثقيل مهيب ....... ماذا؟؟؟؟؟
نعم ...لم يكن اخى كمال هو من رأيته معها....كان عشيقها..... ...رأيتهم أكثر من مره ولم اعرف ماذا افعل ..كنت مرتعبه مرتعشه لا اعرف التصرف الصحيح..... صغر سنى وخوفى على اخى جعلنى كالبلهاء المرتعبه...كنت خائف جدا عليه ان يقع من شده صدمته... فهو مسالم طيب لأبعد الحدود يحب كل شئ حوله من قلبه........وكانت صدمته ستكون قويه ... اعتدلت امان فى جلستها لتمسح دموعها التى لم تتوقف لحظه واحده ....- حاولت أن اخبره حتى يطلقها..ولكنى خفت ان يتهور او يقع ميتا. فهو مشاعره ضعيفه.... حتى جاء اليوم المسؤؤل كنت نازله من حجرتى إلى شقتهما بعد أن اتصل عليا اخى ليجهز مفاجاءه بمرور عام على زواجه واعطانى المفتاح وقال انه سيتاخر وانا ساحضر كل شئ وزوجته ليست بالبيت..كل شئ عادى وجميل ...حتى دخلت شقتهما...سمعت صوت حديثهما داخل حجره نوم اخى ..وكان مرتفعا وكانه خلافا او مشاده كلاميه..بينهم عرفت من حديثهما انه بدء يهددها بما لديه وسيفضحها لو لم تعطيه نقودا.... حتى وصل المشاده بينهما إلى شجار ... وهو مصر ان يبلغ كمال بكل شئ... صمتت امان لتلتقط انفاسها....وقد بدء عليها التعب والجهد حتى اننى وجدتنى مربطا ع كتفيها وانا اقول --لا اكملى ياأماان....لا تكملى.... التقطت انفاسها وكأنها لم تسمعنى مطلقا لتكمل حديثا: --- لم احتمل واتخذت قرارى ..ذهبت الى المطبخ لاستل سكينا حادا كبيره... يجب أن يموت..يجب أن تنتهى هذه القصه وتدفن معه..وساقول انه لص سارق تهجم علينا...... ---خرجت من المطبخ وجدته امامى وزوجة اخى تتشبث بقميصه من الخلف... اطلقت يدى نحوه لاطعنه........طعنتها... نعم طعنتها.........بكل قوتى انطلقت الطعنه وبكل قوتها استدارت لتلقى الطعنه فى ظهرها دون قصد ووقعت.... وهرب هو......والفأر الجبان هرب ..... وانهرت...وانهار كل شئ من حولى .....ولم اعد أرى شيئا.. لم اعد اعرف من حولى...وانا اردد بجمله واحده..: قاطعتها بخفوت.....كمال يستحق افضل من ذلك...أليس كذلك.... ---انهمرت الدموع من عينيها..بصمت ... وخرج صوتها مخنوقا متحشرجا..نعم .....يستحق افضل من ذلك .... ---ولا لم تقولى ذلك لما جعلنى نفسك عرضه لاتهام بأنك..... غير سويه... اجاابت.....وحاقده وناقمه عليها..... نعم كان هذا افضل ان يموت اخى قهرا..وانت تظل سمعته طيبه...انت ولا تعرف شيئا عن قانون المناطق الشعبيه..سيظل العار يلبسه طيله حياته..... صمت رهيب ران على المكان.... الا من صوت رتيب فى ردهات المستشفى...... انا الدكتور المعالج لحاله أمان محمد على ... اكتب لكم تقريرى عن حالتها.... تعانى من اضطراب قوى ....واكتئاب حاد وحالتها غير مستقره..وتصرفاتها غير مسؤله عنها.......وقتلها لزوجه اخيها نابع عن اضطراب نفسى حاد .. ووجودها بالمستشفى سيبقيها فى حاله.......أمان...نعم ...أمان والى الابد . تمت بحمد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق