أروع ما فى شقة حَنين شُرفة تطلُ على بُستانٍ جميلٍ، يستقبلُ الملائكةَ كل صباحٍ، يلعبون ويمرحون ويتنادرون، ويتسابقون، وأحيانًا يتشاجرون،
ينتفضُ قلبُ حنينِ مع قفزاتِهم، ويعلو صوتُها بالضحكِ يُسابقُُ ضحكاتِهم، وتُكشرُ عن أنيابهِا حين يقسون، وكثيرًا ما تُنادى على المُشرفةِ الطيبةِ لتناولها الحلوى التى تصنعُها من أجلِهم وهى ترجوها: "
خدى بالك من حبيبتى " تبتسمُ وعدُ: " مِن عينيا .. أطمئني" مُنذ بزوغ النهارِ وحنين لم تهدأ؛ تُجهز حقيبةَ سفر زوجها: ملابسَه، كُتبَه، أوراقَه، طعامَه.
ضمها برقةٍ، وقبلها مُمتنًا ومُعتذرًا: " حبيبتي حقك عليِّ؛ تعبتك معي إن شاء اللهُ لن أتأخر " ترقرقت الدموعُ فى عينيها: " حبيبي...مُمكن حبيبتي تونسني حتى تعود بالسلامةِ ؟
" نظر إليها وقد تبدلت ملامحُه ونبرةُ صوتِه …" آسف، إذهبى إليها إن أردتي " تحرك صوبَ البابِ، تسمرت فى مكانِها؛ فقد رماها بقذيفةٍ نوويةِ، فجرت بداخلِها كلَ مشاعرِ ِالغضبِ والانكسارِ، أغلق البابَ دون أن ينظر خلفِه، جلست على الأرضِ تبكي بحرقةٍ ...
نامت او فقدت الوعى، هى لا تدرى، فقط فُزعت حين لمحت وجهَها الشاحبِ كالموتى فى المرآةِ، خرجت الى الشُرفةِ... الحديقةُ خاويةُ، إنها المرة الاولى التى ترجوه بإستضافةِ حبيبتها، فكم تحملت أوجاعًا وألامًا وأمالًا مبتورةً كى لا تكسر خاطرَه أو توجعه …
مرت الايامُ رتيبةً، تقفُ أمام المرأةِ، مرة تُعاتبُه ومرة تُحدثُ حبيبتَها فتشعرُ ببعضِ الراحةِ، يتصلُ فترد بفتورٍ .. حتى كانت المكالمةُ الفاصلةُ: " حبيبتى سأعود غدًا … " .. وبدأت حنينُ مَراسمَ الاستقبالِ، حملةٌ من النظافةِ وتجميلِ المنزلِ، ومائدةٍ تُنيرها الشموعُ ويزينها ألذ واشهى طعام. فتح البابَ، دلف الى الداخلِ، هاله ما يرى؛ شعر بالسعادةِ، فتح حقيبتَه وأخرج مِنها هديةً أخفاها خلفه، ونادى بصوتٍ مُتهللٍ:
" حنين ..حنين " لم يسمعْ ردًا، توجه إلى المطبخِ .. الحمامِ.. الشرفةِ.. غرفةِ النومِ، ولم يجدْها ! لكنه وجد باقةَ مِن الزهورِ التى يعشقُها ورسالةً فى ظرفٍ أزرق يُحبه ايضًا، نحى الهديةَ جَانبًا، وبدأ يقرأ سطورها؛ فرت دمعةُ من عينيه: "البيتُ الذى لا أستطيع إستضافةَ حبيبتى فيه ليس بيتى، والرجلُ الذى يُحرمنى أمومتَي مرتين لا يجب أن يكون زوجى .. وداعًا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق