نوافذ
أرملة و هل من حقها ما تفعله ؟ لا هذة لا تعرف الحياء و هل من حقها أن تذهب كل حين لمناسبة ترتدى الألوان الزاهية دون خجل. فى النهاية هى تسكن بحارة فقيرة و هكذا تحدث الجيران أين السواد الذى يجب ألا يزينها غيره لأعوام قادمة؟ , لكنها كانت
تعتز بكونها ودودة و محبة للجميع و كانت مجاملة للكل تتسامح بصعوبة مع كلامهم اللاذع و تتمنى لو كان هناك أمل فى صداقة حقيقية مع أى شخص وسط كل هذة الضوضاء الفارغة و الكلام الثرثار , نعم أربع أولاد من البنين و إبنتين يشغلون وقتاً و مساحة من ىالذهن لكن الوجدان ربما فى حاجة إلى تفهم مختلف , تفهم يقوم على الإختيار و ليس الإحتياج و بالطبع ليس النفاق و المصلحة .
خمس طلاب مدارس و سادسهم طالب جامعى , كل يوم روتين إعداد وجبات و أعمال منزلية و مساعدة فى إستذكار الدروس , صارت أماً و هى فى التاسعة عشر من العمر تعلمت الخدمة قبل الراحة و القلق قبل المعرفة و حب الأبناء , قبل حب الزوج.
"أم على".
هكذا نادتها أم علاء أمام المسجد قبيل صلاة الفجر.
"صباح الخير"
هكذا ردت دون شعور
"صباح الخير , أنا عارفة مبسألش"
"و لا يهمك"
"طيب , مش عندكو فى العمارة مكان فضى"
"أيوة مانتى عندك فاضى"
"لا ما خلاص بنتى هتاخدها لحد ما جوزها يجهز على مهله"
"مبروك , من إمتا الكرم ده"
قالتها بسخرية
"لا بس عشان نبقى عملنا إلى علينا , المهم إلى كان فيها عايز غيرها"
"مين؟"
"إلى فى التالت"
"مبسكنش عزاب"
"ده طالب"
"و أنا مالى"
"و الله كويس و مقلكيش على أخلاقه"
"لا مليش فى الموضوع"
"طيب فكرى"
سكتت قليلاً و قالت
"يعنى مفهوش مشاكل"
"أبداً , هو ساعات بس بيتعذر فى كام يوم على ما يجيب الإيجار"
"ااااه"
"بس و الله بيجيبه"
"طب و هو إلى طلب تدوريله ؟"
"أبداً والله أنا بس عشان بجاملك زى مانتى حلوة مع الكل كده , أنا مش زى غيرى"
"طبعاً"
قالتها بإبتسامة مزيفة
سمير طالب كلية الفنون فى النافدة السادسة طويل القامة , فاتح البشرة , متوسط الجسم, دائماً ما كان ينظر إليها كثيراً فى وضح الشمس بنظرات مبهمة لا تفهم منها شيئاً . دائماً بالنهار و نادراً ما يظل نائماً بعد الشروق يستيقظ مع الطيور المغردة , يشاهدها و هى تضع الملابس لتجف و ما أكثر الملابس فى مسكنها و ما أقسى عملها المنزلى ؟ و ما أقسى الحياة كلها عليها ؟ منذ أن توفى زوجها.
المغرب أوشك أن يؤذن , و لأول مرة وجوه جديدة تضرب باب سمير . فوجىء به فقال
"إيه ده؟"
"هدى صوتك"
"ليه ؟"
"أدخل بس"
"الله"
فتح علبة و أخرج بودرة بيضاء اللون .رد سمير
" نهارك أسود , يوم ما تظهر بعد سنة تيجى بمصيبة"
"لا أبيض"
"هتستهبل "
"طب ده حتى الإبداع و الفن بيبقوا عايزين.."
قاطعه
"إختفى , عايزك تنزل و تختفى"
"طب متزعلش"
"إنزل"
"طب بص دول ليا هقعد عندك شوية و أنزل بعدها"
"لا"
"عشان خطرى"
"طيب أنا هنام مبسهرش , تتنيل و تنزل و متسيبش أى حاجة هنا , مفهوم؟"
"مفهوم"
"تصبح على خير .. أو شر "
قالها و هو يبتعد عنه و يغلق باب غرفته على نفسه"
تمتم صديقه
"إيه الصحاب دى؟"
سارعت "أم علاء " تاركة النافذة و تدخل إلى زوجها قائلة
"لا أنا هقول لأم على أن دخله واحد غريب مش مريحنى , قلبى ميكدبش"
"ولية هبلة"
"قلت إيه؟"
"ما يمكن عادى"
"برده هقول ... معرفش أنت مهتم بيه ليه"
"وحدانى بس , بساير معاه أما أزهق من وشكو"
"إبقا سكنه على حجرك ... مش هتوسطله عندها تانى"
"و النبى هى لو فالحة كانت سكنته هى على حجرها"
"نعم؟"
"بقولك كلام سليم على فكرة , ما ياما ستات أستغفر الله خلقهم بوم و بعد ماخلصوا على أجوازهم و ورثوهم إتجوزوا واحد كمان يشيل الليلة "
"قصدك مين الستات دول؟"
"مقصديش"
"يشيل الليلة , ده هو ليلة و عايز يتشال , هو حيلته حاجة؟"
"يا أم تخلف , منا من قاعدتى معاه عرفت إن عند أبوه حتتين أرض فى بلدهم و مش كده و بس و جراج فى حتة كده فى الجيزة"
"أمال بيحدفنى كام يوم على ما يجيب الإيجار ليه؟"
"متخانق مع أبوه , أكمنه ضرب مراته الجديدة"
يأخذ نفس من السيجارة و يكمل
"حب يربيه شوية .. إبنه حقه , لكن دى شوية سحابة سودا و تروح لحالها ده وحيد يعنى ملوش إخوات"
"يلا ناس ليها بخت و ناس ليها ترتر"
"قصدك إيه؟"
"ولا حاجة"
لحظات من الإستنشاق و التيه و عدم التمييز مع إسترخاء به لذة , كأنه لم يسترخ لأعوام و من هنا قرر أن يعد لنفسه كوب من الشاى قبل أن يترك صالة الجلوس و ينزل من مسكن سمير , كبريت لا يعمل يشغل أخر و أخر و أخر إلى أن تهيأ أن كوب الشاى الأحمر عد نفسه بنفسه أو ربما حسناء شقراء الشعر بيضاء البشرة مستديرة المفاتن هى من عدت الشاى بل و رشفت منه رشفة محبة من شفاهها الممتلئة بعصير مسكر . رأى أيضاً نيران حمراء برتقالية زرقاء تتصاعد تأكل ستار مزركش وتركض يميناً و يساراً يظن أنها جزء من فيلم أجنبى يشاهداه سوياً .
سمع الجميع صوت عم بدوى من المخبز يقول
"حريق عند أم علاء"
"فين؟"
"فين؟"
"عند مين؟"
"فى التالت"
كل يملأ دلو من المياة و خرطومان و أخذوا يحاولون إخراج من فى الشقة المتواضعة , علماً أن صديقه الأسمر كان يقاوم الخروج دون الشقراء , بينما ظل سمير نائماً إلى أن أيقظوه.
بعد أن إنتهى نوبه فزعه سمع من يقول بصوت مجهد به إرهاق
"أحمد ربنا , إن الحريقة كانت فى الصالة"
وقت قليل جداُ دقائق و تناثرت الأقاويل فى الحارة و بلغت أذن الجارة أم على
"إيه الصور دى كلها الى راسمهالها؟"
"دى كمان فى منهم صورة عريانة"
"معقول كان فى حاجة بينهم"
"محدش فيهم كان باين عليه"
"معقولة دون ما نحس"
"امتا؟"
"إزاى؟"
"مش وش كسوف صحيح"
"ده من دور إبنها على"
"و ليها عين تروح و تيجى فى الشارع كده"
"هى إلى زى دى ناقصها إيه عشان تتجوز , دى قصفت عمر جوزها و خدته من مراته و لهفت إلى وراه و إلى قدامه"
سارعت أم على بإيقاظ أبناؤها الست
"إصحوا يلا"
"كل واحد يلم هدومه إحنا هنمشى فى نص الليل"
رد الكبير الذى لم يكن نام بعد
"ليه؟"
"لو إستنيت للصبح هتتعايروا و مش بعيد يقولولكوا أنتو مش ولاد أبوكو أنا حافظاهم"
"طيب و إيه يهمنا...."
"إسمع يا على هنمشى و طول العمر عايزاك تحافظ معايا على إخواتك بالذات الب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق